أثار الحديث عن تعديل قانون التعليم المصري تساؤلات واسعة بين أولياء الأمور والطلاب، خاصة فيما يتعلق بمقترح احتساب نسبة 20% من أعمال السنة ضمن المجموع الكلي لطلاب الشهادة الإعدادية. هذا التعديل الذي تم تداوله مؤخرًا أثار جدلًا واسعًا في الأوساط التعليمية، لما له من تأثير مباشر على مصير آلاف الطلاب، خصوصًا مع اعتبار الشهادة الإعدادية نقطة محورية في مسار التعليم ما قبل الجامعي.
أعمال السنة هي التقييمات المستمرة التي يخضع لها الطالب خلال العام الدراسي، وتشمل:
الاختبارات الشهرية
الأنشطة الصفية واللاصفية
المواظبة والانضباط السلوكي
مشاركة الطالب داخل الفصل
المشاريع البحثية أو التكليفات الفردية
وفي النظام الحالي، تُؤخذ هذه الأعمال في الاعتبار بشكل غير مؤثر رسميًا على المجموع النهائي في الشهادة الإعدادية، لكنها قد تُستخدم لتقييم الطالب بشكل عام.
وفقًا للمقترحات التي تتم مناقشتها ضمن مشروع تعديل قانون التعليم:
يتم احتساب 20% من المجموع الكلي للطالب في الشهادة الإعدادية من أعمال السنة.
الـ 80% الباقية تكون من امتحانات نهاية العام فقط.
وهذا يعني أن الطالب سيُقيَّم طوال العام، وليس فقط في الامتحان النهائي، وهو ما يُعد نقلة نوعية في أسلوب التقييم.
تسعى وزارة التربية والتعليم من خلال التعديل إلى تحقيق عدة أهداف:
تحفيز الطلاب على الاجتهاد طوال العام بدلًا من الاعتماد فقط على الامتحان النهائي.
تقليل رهبة الامتحانات النهائية التي كثيرًا ما تضع الطالب تحت ضغط نفسي كبير.
مراعاة تنوع القدرات بين الطلاب، بحيث لا يُظلم من لديه تميز في الأنشطة أو المشاركة ولكن يضعف في الامتحانات.
ترسيخ ثقافة التقييم الشامل الذي لا يعتمد على اختبار واحد فقط.
ردود الفعل بين أولياء الأمور انقسمت بين مؤيد ومعارض:
المؤيدون يرون أن التعديل يُخفف العبء عن الطلاب ويعكس أداءهم الحقيقي طوال العام.
المعارضون يخشون من تحول التقييم إلى أداة غير عادلة، خصوصًا إذا لم يكن هناك نظام رقابي دقيق على كيفية احتساب درجات أعمال السنة.
كما أعرب بعض أولياء الأمور عن قلقهم من احتمالية تدخل المعلمين في التقديرات بشكل غير موضوعي، ما يفتح الباب أمام الشكوك في عدالة التقييم.
حتى الآن، لم تُقر التعديلات بشكل رسمي، بل ما زالت في مرحلة المناقشة بمجلس النواب، ضمن مشروع تعديل شامل لقانون التعليم رقم 139 لسنة 1981.
وقد أكدت مصادر برلمانية أن المشروع سيُعرض للنقاش المجتمعي أولًا، ليتم التوصل إلى صيغة نهائية تُراعي مصلحة الطالب، وتحقق التوازن المطلوب بين المرونة والانضباط.
إذا تم إقرار التعديل رسميًا، سيصبح التقييم كما يلي:
20% من المجموع النهائي لأعمال السنة (مثال: إذا كان المجموع الكلي 280، فـ56 درجة تكون من أعمال السنة).
80% للامتحانات النهائية (أي 224 درجة من 280).
وهذا يفرض على المدارس والمعلمين التزامًا كبيرًا بالموضوعية في التقييم، ووضع معايير واضحة وثابتة لاحتساب الدرجات.
نعم، فقد كانت هناك تجارب سابقة لتطبيق أعمال السنة في التعليم الأساسي والثانوي، لكنها لم تُعمم بشكل دائم أو منتظم. وغالبًا ما كان يتم الرجوع عنها بسبب عدم وجود نظام رقابي صارم يضمن النزاهة والعدالة.
ولهذا، فإن إعادة طرح الفكرة الآن يأتي في ظل تطور منظومة التعليم وتوافر أدوات رقمية يمكن أن تُستخدم لتسجيل ومتابعة أداء الطالب بدقة.
بحسب التصور المبدئي:
اختبارات قصيرة على مدار العام (شهرية أو كل أسبوعين)
تقييم النشاط والمشاركة
المشروعات والأنشطة العملية
التزام الطالب بالحضور والانضباط
كل عنصر من هذه العناصر سيكون له وزن نسبي داخل الـ20%، وسيُعد ذلك ضمن ملف إنجاز خاص بكل طالب.
إذا تم تنفيذ التعديل، فإن أبرز التحديات التي تواجهه هي:
ضمان نزاهة التقييم داخل الفصول
تدريب المعلمين على معايير تقييم دقيقة
التعامل مع شكاوى أولياء الأمور
منع التلاعب أو المجاملات في توزيع الدرجات
ولذلك، من المتوقع أن تصاحب التعديل خطة موازية لرفع كفاءة المعلمين ومراقبة الأداء داخل المدارس.
وزارة التعليم لم تُصدر قرارًا رسميًا بعد، لكنها أكدت أنها:
تدرس جميع المقترحات التي ترفع من كفاءة التعليم والتقييم
تسعى لتقليل الاعتماد على الامتحان النهائي كوسيلة وحيدة للحكم على الطالب
تفتح باب الحوار المجتمعي قبل تطبيق أي تعديل واسع
وقد شدد مسؤولو الوزارة على أن الهدف ليس التغيير فقط، بل تحسين جودة التعليم والتقييم مع الحفاظ على العدالة.
التعديل المقترح باحتساب 20% من أعمال السنة ضمن مجموع طلاب الشهادة الإعدادية يمثل خطوة جريئة نحو نظام تعليمي أكثر شمولية وعدالة. لكنه يحتاج إلى ضمانات قوية من حيث الشفافية والنزاهة والرقابة. وإذا ما تم تنفيذه بشكل دقيق، فقد يُحدث تحولًا حقيقيًا في مسار التعليم المصري.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt